علّمتني الأيام أنّ النفوس إذا
لم تأتِك اختيارًا، فلا خير في
قيدها، وإن كان من حرير، وأن
المحبة إن لم تكن طَوعَ
القلب، فلن تكون يومًا طَوعَ
الرجاء، وأن الأرواح إذا لم
ترغب في قربك، فلا خير في
استرضائها.
وأن الرفقة التي لا تسعى
إليك، ليست بمنزلة الجهد
الذي تبذله، أو العطاء الذي
تقدّمه لتستبقيها، ومن كان
قلبه غير موصول بك، فلن
يُجدي في بقائه شيءٌ من جهودك.
أما من لمس الأثر الذي تتركه
في روحه، فسيلتفّ من حولك، ويُحيطك بذراعيه، ليس
لأنك قدّمت له شيئًا، بل لأنه أراد، ومتى ما أرادت النفس
قربًا، أغناها القصد عن كل سبب، وجعلت من حضورك
كفايةً لا تُقاس بعطاء.
فلا تُجبرنّ أحدًا على السير في
دربٍ لم يختره، ولا تمدّ يدك إلى قلوبٍ لا تشتاق إليك،
فمن كانت روحه على شاكلتك،
فسيأتيك وإن طال المدى،
ومن لم يُخلق لك، فلن يسعى
إليك، وإن تزيّنت له بجميل المحبّة ..!