نفحات إيمانية عامة قال تعالى الا بذكر الله تطمئن القلوب صدق الله العظيم |
![]() |
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() الحمد لله ذي العزة والجلال، الموصوف بأوصاف الكمال والجمال، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الكبير المتعال، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الموصوف بطيب الفعال، وجميل الخصال، صلى الله عليه وعلى الصحب والآل، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المآل. عباد الله، اتقوا الله؛ فتقوى الله تقود للقول السديد، والعمل الرشيد، والفوز يوم المزيد، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]. إن المجالس التي فيها الحكمة تنشر، والسنة فيها تحيا، والعلم يذكر والخير فيها يظهر، والشر فيها يدحر، لمجالس يأمُّها أهل الفضل والذكر، وكانت وما زالت أعظم المجالس أثرًا، وأرفعها منزلًا، وأنفسها ثمنًا، هي تلك المجالس التي يُعظَّم فيها الله تبارك وتعالى. فالعظمة الإلهية هداية للأنفس البشرية، ودلالة على الطرق السوية، وحماية لها من الطرق الغوية؛ من إلحاد وشك ونفاق وسوء طوية، قضى بذلك رب البرية، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32]، أخبرت بذلك العقول السوية، والفطر النقية، فسبحانه وتعالى ما عبدناه حقَّ عبادته، ولا شكرناه حق شكره. عباد الله، قد سبق الكلام على بعض الطرق الموصلة إلى تعظيم الله؛ كالتأمل في الشواهد الكونية الدالة على ربوبية الله ووحدانيته، والتأمل في كلام رب البرية الذي به هداية البشرية، ثم إمعان النظر في تفضُّل الله على بعض عباده، وسؤال الله من فضله، ثم التأمل في نقص العباد الذي يلفت النظر لكمال رب العباد، والتأمل في أسماء الله الحسنى، وصفاته العلى، واليوم نتحدَّث عن طرق أخرى علَّ الله أن ينفع بها قائلها وسامعها، فهو الموفق والهادي إلى سواء السبيل. عباد الله، التأمل في نصوص الوَحْيَين الدالة على عظمة الله، فالقرآن عظيمٌ، وما دل عليه عظيم، لكن أعظمه هي الآيات الدالة على العظيم التي تذكر أفعاله وأسماءه وصفاته؛ ولذا كانت آية الكرسي أعظم آية في القرآن فتأمل، وتكرار قراءتها يورث في القلب خشوعًا وخضوعًا لله رب العالمين، وقد أحبَّ صحابيٌّ تكرار قراءة الإخلاص، فلما سئل عن ذلك أخبر بأنه يحب قراءتها، فهي صفة الرحمن، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: ((أخبروه أن الله يحبه)). عباد الله، لم يثبت جبل شامخ لرؤية الله العظيم فكان دكًّا، قال تعالى: ﴿ فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا ﴾ [الأعراف: 143]، فلو كررت النظر في مثل هذه الآيات واستشعرت معانيها، أورثك ذلك تعظيمًا لرب العالمين. ومن الأحاديث الدالة على عظمة الله جل جلاله الحديث الذي يرويه عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: ((قرأ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هذه الآية على المنبر ﴿ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [الزمر: 67]، قال: يقول الله: أنا الجبار، أنا المتكبر، أنا الملك المتعال، يمجد نفسه قال: فجعل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يردِّدها حتى رجف به المنبر حتى ظننا أنه سيخِرُّ به)). 1- التأمل في خضوع الكون العظيم لله وتسبيحهم له: فلو تأمل الإنسان عظمة هذا الكون، وأنه بأمر الله يسير، فالشمس تسجد تحت العرش مستأذنة بالخروج، والسموات والأرضون تخضع لله، قال تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]. وأعجب من هذا ولا عجب، فالله عظيم ولا ينازعه في عظمته أحد، فالكون كله يسبح له، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]. 2- التأمل في نفسك أنت- يا رعاك الله- وفي انشراح صدرك عند ذكر الله: فبالله عليك بمَ تفسر أنسك وطمأنينتك وطهرك ونقاءك كلما ازددت قُرْبًا منه؟ فمن تفضُّل الله على عباده أنه يكون مع ذاكريه، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: ((أنا عند ظنِّ عبدي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرتُه في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرتُه في ملأ خيرٍ منه)). عبدالله، أنا أدعوك للتوقف هنا قليلًا، الله جل جلاله على عظيم ذاته وصفاته وعظيم سلطانه يشرفك بذكره إن ذكرته في نفسك، وإن ذكرته على الملأ ذُكرت أنت في الملكوت الأعلى، أو تظن أن اسمًا يتردد في الملكوت الأعلى عند الرحمن الرحيم الكريم المنَّان يصيبه الشقاء والتعب؟ كلا والله، فأدعوك للمحافظة على وِرْدِك وسترى جزمًا بلا تردُّد أُنْسًا وراحةً، قال تعالى: ﴿ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]. 3- التأمل في تعظيم الملائكة لله رب العالمين وإمامهم جبريل عليه السلام: فقد وصف يوم المعراج بأنه واقف كالحلس البالي من خشية الله، والملائكة عباد الله لا يتنزلون إلا بأمر الله، وله يسجدون ويركعون، ويسبحون الليل والنهار لا يفترون، وما ذلك إلا لما علموا من عظمة الله، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: ((إني لأرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، إن السماء أطَّت وحق لها أن تئطَّ؛ ما منها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك واضع جبهته ساجدًا لله، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا ولبكيتم كثيرًا، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون، ولوددت أني كنت شجرة تعضد)). 4- التأمل في حال الآلهة التي تعبد من دون الله: فاحمد الله أولًا أن دلَّك عليه، ووفقك لعبادته، والأنس بمناجاته، والسجود والخضوع طواعية له سبحانه، ثم تأمل في حال صنم لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا فضلًا عن غيره، أو شمس تطلع ثم تغرب، أو كوكب يأفل نوره أو بقرة، أو شيطان أو هوى أو درهم أو دينار. بالله عليكم أتصلح هذه آلهة تعبد من دون الله، قال تعالى: ﴿ وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا ﴾ [الفرقان: 3]، ثم تأمل في أحوال أمم من الكفار قادتهم عقولهم لاكتشاف شيء من أسرار الكون الفسيح، فاستطاعوا اكتشاف ما أودع الله في أرضه وسمائه وبحره من خصائص، فجعلوا عليها النظريات والاكتشافات، ولم يستدلوا بعقولهم على موجد هذا الكون، فالحمد لله الذي هدانا للإسلام واتِّباع سيد الأنام عليه الصلاة والسلام، قال تعالى: ﴿ يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ﴾ [الروم: 7]. 5- التأمل في سِيَر الصالحين وأخبار السابقين المعظمين لربهم رب العالمين: فرسول الله – صلى الله عليه وسلم – تغفر له الذنوب، ويقوم متهجدًا تحقيقًا للعبودية، وشكرًا لربه غافر الذنوب. وإبراهيم الخليل يضيف المرض إليه والشفاء لربه تأدُّبًا مع رب العالمين، ويرفض معونة جبريل يوم جمعت له نار عظيمة، ويلتجئ بالله العظيم، فتكون النار بردًا وسلامًا على إبراهيم، وأيوب عليه السلام في مرضه يمُرُّ على رجلين يختصمان فيحلفان بالله وهو يعلم أن أحدهما كاذبًا، فيكفر عن الكاذب منهما تعظيمًا لرب العالمين. وأبو الدرداء - رضي الله عنه- يبكي يومًا انتصر فيه المسلمون ويقول: ما أهون الخلق على الله إذا هم عصوه، وتركوا أمره! كانوا أمةً عزيزةً قاهرةً لهم الملك في الأرض، وإذا تركوا أمر الله عز وجل وخالفوه فصاروا إلى ما ترون من الذل والهوان. والفاروق عمر- رضي الله عنه - يقول خوفًا من الله: "يا ليت أم عمر لم تلد عمر، يا ليتني كنت ترابًا". وأما حال الصالحين إذا قيل في الله شيء لا يليق به فاستمع للخبر، جاء رجل إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فقال: إنا نستشفع بالله عليك، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – ((سبحان الله! سبحان الله!))، فما زال يسبح حتى عُرِف ذلك في وجوهِ أصحابه، ثم قال: ((ويحك! أتدري ما الله؟ إن شأن الله أعظم من ذلك، إنه لا يُستشفع بالله على أحد من خلقه)). ومما يعين على تعظيم الله تعظيمُ ما عظم الله من أوامر بفعلها والأمر بها، وتعظيم ما عظم الله من نواهٍ بتركها والنهي عنها. ومما يعين على تعظيم الله كثرة القراءة عن عظمة الله والإكثار من التفكر فيها، ثم سؤال الله العظيم أن يهبك ويرزقك عظمته، فهو من أنفع الوسائل، قال تعالى: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. الخطبة الثانية الحمد لله وكفى، وصلى الله على النبي المصطفى، وآله وصحبه المستكملين الشرفا، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الملتقى.عبدالله، لتعظيم الله في القلب ثمرات: 1- سكون النفس وراحة البال. 2- عمق الثقة بالله. 3- حُسْن الظن بالله تبارك وتعالى مهما ضاقت السبل، واستشعار عظمة الله تملأ القلب رضًا وصبرًا، وتُورِث القلب الشعور بمعية الله سبحانه وتعالى. 4- تعظيم الله يعين على الثبات. 5- تعظيم الله يقوي العزيمة حتى في أشد حالات الضعف. أسأل الله بعز جلاله وكمال عظمته أن يهب قلوبنا تعظيمًا له وجوارح خاضعةً له، وأن يرزقنا حسن النية والعمل، إنه سميع قريب مجيب. ثم اعلموا- رحمكم الله- أنكم في خير أيامكم وسيدها يوم الجمعة، فأكثروا فيه من الصلاة والسلام على رسول الله استجابة لأمر الله ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. اللهم اجعلنا مُعظِّمين لأمرك، مؤتمرين به، واجعلنا مُعظِّمين لما نهيت عنه، منتهين عنه، اللهم أعِنَّا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى، وصفاتك العلى، أن تعز الإسلام والمسلمين، وأن تذل الشرك والمشركين، وأن تُدمِّر أعداء الدين، وأن تنصر من نصر الدين، وأن تخذل من خذله، وأن توالي من والاه بقوَّتك يا جبار السماوات والأرض. اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم وفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى، وخذ بنواصيهم للبر والتقوى. اللهم كن لإخواننا المرابطين على الحدود، وجازهم خير الجزاء، اللهم اقبل من مات منهم، واخلفهم في أهليهم يا رب العالمين. اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واجمع كلمتهم على ما يرضيك يا رب العالمين، اللهم بواسع رحمتك وجودك وإحسانك يا ذا الجلال والإكرام، اجعل اجتماعنا هذا اجتماعًا مرحومًا، وتفرُّقنا من بعده تفرُّقًا معصومًا. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، المؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لأبائنا وأمهاتنا، وجازهم عنا خير الجزاء، اللهم من كان منهم حيًّا فأطل عمره، وأصلح عمله، وارزقنا بره ورضاه، ومن سبق للآخرة فارحمه رحمةً من عندك تُغنيهم عن رحمة من سواك. اللهم احفظنا بحفظك، واكلأنا برعايتك، ووفقنا لهداك، واجعل عملنا في رضاك. اللهم أصلحنا وأصلح ذريتنا وأزواجنا، وإخواننا وأخواتنا، ومن لهم حق علينا يا رب العالمين. ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182] وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. المصدر: مملكة صفا القلوب - من قسم: نفحات إيمانية عامة o'fm: ju/dl hggi ,hg'vr hgl,wgm Ygdi (2) |
![]() |
#3 |
![]() ![]() ![]() |
![]()
يعطِـــيكْ العَآفيَـــةْ
عَلَـــىْ روْعـــَــةْ الطرح بإآنْتظَـــآرْ الَمزيِــدْ منْ إبدَآعِكْ لــكْ كثَيفَ وَد وبَتلةَ ياسَميَن |
![]() |
![]() |
خطبة: تعظيم الله والطرق الموصلة إليه (2)
|
|