مملكة صفا القلوب

مملكة صفا القلوب (http://www.ashqhrof.com/vb/index.php)
-   نفحات قرآنية (http://www.ashqhrof.com/vb/forumdisplay.php?f=15)
-   -   (الخير) في القرآن والسنة (http://www.ashqhrof.com/vb/showthread.php?t=1529)

عشقٰٰٖ♪❥ 05-15-2025 06:09 PM

(الخير) في القرآن والسنة
 









الحمد لله الواحدِ الأحد، الفرد الصمَد، الذي لم يلِد ولم يولَد، ولم يكن له كفوًا أحد، تفرَّد بالخلق والتدبير، وتعالى عن الشبيه والنظير، فاستحقَّ وحدَه أن يُعبد، أحمده تعالى وأشكره، خلقنا ورزقنا وكفانا وآوانا، وهدانا للإسلام، واختصَّنا ببعثةِ سيّد الأنام، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن لربِّه تعبَّد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.



ثم أما بعد: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله سبحانه وتعالى..

عباد الله: تأملوا معي هذه الآية: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [البقرة: 110].



قال الإمام الطبري رحمه الله: في قَوْله: ﴿ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 110] فَإِنَّهُ يَعْنِي جَلّ ثَنَاؤُهُ بِذَلِكَ: وَمَهْمَا تَعْمَلُوا مِنْ عَمَل صَالِح فِي أَيَّام حَيَاتكُمْ فَتُقَدِّمُوهُ قَبْل وَفَاتكُمْ ذُخْرًا لِأَنْفُسِكُمْ فِي مُعَادكُمْ، تَجِدُوا ثَوَابه عِنْد رَبّكُمْ يَوْم الْقِيَامَة، فَيُجَازِيكُمْ بِهِ. وَالْخَيْر: هُوَ الْعَمَل الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّه. وَإِنَّمَا قَالَ: ﴿ تَجِدُوهُ ﴾ [البقرة: 110] وَالْمَعْنَى: تَجِدُوا ثَوَابه.

إخوة الإسلام.. لفظ الخير ومشتقاته مثل - خيركم والخيرات - لفظ محبب إلى النفوس وداع إلى التفاؤل، وقد تكرر في القرآن الكريم وفي السنة النبوية في كثير من المواضع والتي ستناول في هذه الخطبة بإذن الله شيئاً منها.



أمتنا أمة الإسلام أمة الخير وهي خير أمة أخرجت للناس، مصداق ذلك في كتاب الله ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ [آل عمران: 110].

ففي هذه الآية الكريمة يمدح تعالى هذه الأمة ويخبر أنها خير الأمم التي أخرجها الله للناس، وذلك بتكميلهم لأنفسهم بالإيمان المستلزم للقيام بكل ما أمر الله به، وبتكميلهم لغيرهم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المتضمن دعوة الخلق إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة فبهذا كانوا خير أمة أخرجت للناس.



والموفق والمفلح من وفقه الله للدعوة للخير والصلاح، قال ربنا سبحانه: ﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 104].

أيها المسلمون والخيرات لما وردت في القرآن الكريم تعنـي الطاعات والإستزادة من الحسنات ولهذا وصف أصحابها بأنهم يسارعون فيها ولها، قال ربنا جل في علاه: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [المؤمنون: 61].



واستمعوا معي إلى هذه الكلمات التي تبعث في النفوس الإقبال على الطاعة من الشيخ السعدي رحمه الله تعالى يقول: ﴿ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ﴾ [المؤمنون: 61] أي: في ميدان التسارع في أفعال الخير، همُّهم ما يقرِّبهم إلى الله سبحانه، وإرادتهم مَصروفة فيما ينجي من عذابه، فكل خيرٍ سمعوا به، أو سنحَت لهم الفرصة إليه، انتهَزوه وبادَروه، قد نظروا إلى أولياء الله تعالى وأصفيائه أمامهم، ويمنة ويسرة، يسارعون في كلِّ خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم سبحانه، فنافسوهم، ولمَّا كان السابق لغيره المسارع قد يَسبق لجده وتشميره، وقد لا يَسبق لتقصيره، أخبر الله تعالى أنَّ هؤلاء من القسم السابقين فقال: ﴿ وَهُمْ لَهَا ﴾ [المؤمنون: 61]؛ أي: للخيرات، ﴿ سَابِقُونَ ﴾ [المؤمنون: 61]؛ قد بلغوا ذروتها، وتباروا هم والرعيل الأول، ومع هذا قد سبقت لهم من الله تعالى سابقة السعادة، أنهم سابقون.



يا عبد الله، اعلم أن كل خير تعمله وكل قربة تفعلها وكل طاعة تقبل عليها فإن الله يعلمها ويجزيك عليها الجزاء الأوفى.

قال ربنا سبحانه: ﴿ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 197].

وقال جل جلاله ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ ﴾ [البقرة: 272]

قال تعالى: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ ﴾ [البقرة: 272] فالذي يتقرب إلى الله بالنفقة والصدقة سيعود ذلك عليه بالخير والتوفيق والبركة والأجر.



أيها المسلمون: ثم إن هناك مزيد أعمال صالحة فيها مزيد من الخيرية المنصوص عليها في كتاب الله أو في سنة النبي صلى الله عليه وسلم.

فإن سألتم عن خير الزاد وأعظم المؤونة في هذه الحياة فإن القرآن يجيبكم ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى ﴾ [البقرة: 197].

وفي مجال التعليم فإن الخيرية للقرآن وأهله قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه) رواه البخاري.

وفي مجال التعامل فالخيرية في الخلق الحسن قال صلى الله عليه وسلم: (خياركم أحاسنكم أخلاقا) رواه البخاري.



وفي التعامل خاصة مع الأهل فإن الخيرية في الخلق والكلام الحسن قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) رواه الترمذي.

وفي قضاء الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خياركم أحسنكم قضاء) رواه البخاري ومسلم.

وفي صحيح مسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من رجل بَكْرًا فجاءته إبل من إبل الصدقة فأمر أَمَرَ أَبَا رَافِعٍ أَنْ يَقْضِيَ الرَّجُلَ بَكْرَهُ فرجع إليه أبو رافع، فقال: لم أجد فيها إلا جملا خِيَارًا رَبَاعِيًا، فقال أعطه إياه، إن خيار الناس أحسنهم قضاء).



ومن المعلوم أن البَكر أصغر من الرَباعي وأقل ثمنا، لكنه صلى الله عليه وسلم آثر الخيرية وأحسن القضاء له بأفضل مما اقترض منه.

اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ خَيْرَ الْمَسْأَلَةِ، وَخَيْرَ الدُّعَاءِ، وَخَيْرَ النَّجَاحِ، وَخَيْرَ الْعَمَلِ، وَخَيْرَ الثَّوَابِ، وَخَيْرَ الْحَيَاةِ، وَخَيْرَ الْمَمَاتِ، واغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين.




.








الساعة الآن 02:54 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

جميع الحقوق محفوظة ل مملكة صفا القلوب